الثلاثاء، 6 ديسمبر 2016

صفتان أساسيتان لأي علاقة سعيدة


كأي شيء جميل في الحياه، فالعلاقات المتينة والمعمرة تحتاج لبذل جهد كبير ومستمر من كلا الطرفين. ولكن، في الحقيقة، فالأمور ليست بالصعوبة التي تبدو عليها. لقد اكتشف العلماء أنه توجد خصلتان اثنتان فقط تحددان العلاقات السعيدة. هاتان الخصلتان اللتان يجب على كل منا أن يتبناهما في حياته الشخصية هما: الطيبة والكرم.
1- الطيبة
اكتشف الباحثون النفسيون بعد دراسة آلاف الأزواج على مدى عقود من الزمن، أن الطيبة هي الصمغ الذي يلصق الزوجين ببعضهما البعض. هذا صحيح، فهذه الصفة هي العامل الأهم لنجاح الزيجات.
إن أصعب وقت يمارس فيه الطيبة هو وقت الخلاف مع الشريك. ولكن هذه الفترة تكون هي أهم فترة بين الزوجين لممارسة الطيبة. فالاستسلام للغضب أو العنف يتسبب في إلحاق ضرر بالعلاقة قد لا يمكن تعويضه أو إصلاحه.
الطيبة لا تعني ألا نعبر عن غضبنا أو استيائنا، ولكنها تحدد كيف نختار أن نعبر عن ذلك الاستياء أو الغضب. بإمكانك طعن شريكك أو رميه بالنار نتيجة لغضبك منه، أو بإمكانك التحدث معه وشرح أسباب استيائك، وهذه هي الطريقة الأكثر طيبة. فمثلاً، عندما يتأخر شخص، بإمكان شريكه الغاضب أن يوبخه قائلاً: "لقد تأخرت! ماذا دهاك؟ ألا تستطيع الحفاظ على موعدك أبداً؟ أنت مثل أمك تماماً!" ولكن الشريك الطيب سيعبر عن غضبه بدلاً من ذلك بعبارة مثل: "إنني أكره عندما أغضب منك بسبب التأخير، أعرف أنه ليس خطؤك، ولكنه فعلاً أمر مستفز أنك متأخر مرة أخرى!" 
قد يعتقد البعض أن الطيبة صفة ثابتة، بمعنى إما أن تكون الطيبة موجودة في الشخص وإما غير موجودة. ولكن الحقيقة هي أن الطيبة يمكن أن نفكر فيها مثل العضلة. قد تكون هذه العضلة قوية بالفطرة عند بعض الناس، ولكنها تنمو وتزداد قوة عند الجميع بالتمرن. أغلب الأشخاص الذين يعيشون حياة سعيدة مع شركائهم يعرفون أنه لابد عليهم أن يتمرنوا على الطيبة باستمرار وأن يمارسوها مع الجميع وليس فقط مع شركائهم، حتى تبقى صفة متأصلة فيهم. وهم يعرفون أن هذا التمرن يتطلب منهم جهداً لكظم الغيظ واختيار أساليب أكثر طيبة للتعبير عن غضبهم أثناء الخلاف مع الآخرين. 
الطريقة الأخرى التي يمكن أن نعزز بها الطيبة مع شركائنا هي أن نفهم دوافعهم ونحسن الظن بنواياهم وأفعالهم. إن الأشخاص الغير طيبين يسيئون الظن ويفترضون الشر في شركائهم حتى وإن لم يكن موجوداً. قد تسئ الزوجة الظن في زوجها عندما لا يضع ثيابه في سلة الغسيل بأنه يفعل ذلك عمداً لإغاظتها، بينما قد يكون هو مشغول الذهن ولم يلاحظ أين وضع ثيابه. تخيلوا مثلاً أن زوجين اتفقا على اللقاء في مطعم، ولكن الزوجة تأخرت(مرة أخرى)، فيفترض الزوج أنها لا تقدر قيمة وقته ولا تحترمه بالقدر الكافي لتلتزم بموعدها معه بعد أن كلف نفسه عناء حجز الطاولة في المطعم والاستئذان مبكراً من عمله ليقضي مع زوجته ليلة رومانسية. ولكن الحقيقة أن زوجته تأخرت لأنها توقفت عند السوق لتشتري له هدية تشكره على هذه الليلة المميزة. تخيلوا الآن عندما تلحق بزوجها على العشاء متحمسة لتعطيه الهدية، لتجده في مزاج سيء لأنه أساء فهم دوافها. إن قدرتك على تفسير وتحليل نوايا شريكك بحسن ظن سيقلل حدة الخلاف بينكما. حتى في أكثر العلاقات توتراً، فإنه دائماً ما يوجد أشياء إيجابية ونوايا جيدة وأشخاص يحاولون فعل الصواب.
هناك عادة في اللاوعي عند الشركاء السعداء، وهي البحث عن حسنات الشريك وما يفعله من أجلهم وشكره على ذلك. أما الأشخاص الذين فشلوا في علاقاتهم أو غير سعداء فيها، فلديهم عادة البحث عن السيئات والتركيز على هفوات شركائهم وانتقادها. فالأمر يتعلق باحترام الشريك والتعبير عن الامتنان له مقابل انتقاده والهجوم عليه.
2- الكرم
إذا ظهر احتياج ما عند شريكك وأنت تشعر بالتعب أو الإرهاق أو التوتر أو قلة التركيز، فماذا سيكون رد فعلك تجاه احتياج شريكك؟ إن الكرم في العلاقة معناه أن تتجه نحو شريكك وتعطيه انتباهك على الرغم من وجود أشياء أخرى تزاحمه على الساحة. بإمكانك اختيار رد الفعل الأسهل وهو أن تتجاهل احتياج شريكك وتبقي تركيزك منصباً نحو هاتفك أو التلفاز أو تمضي لتكمل أيا كان ما كنت تفعله. ولكن تجاهل هذه الأشياء التي تبدو لك وكأنها صغيرة يفقدك التواصل العاطفي مع شريكك وسيؤدي حتماً لذبول العلاقة بينكما. إن التجاهل يخلق المسافات بين الشركاء ويُنشئ الشعور بالضغينة عند الشخص الذي تم تجاهله.
مثلاً، لنفترض أن أحد الشريكين كان ينظر من النافذة ورأى طائراً، فقال لشريكه: "انظر لذلك الطائر الجميل في الخارج!" إنه لا يعلق وحسب على الطائر هنا، بل هو يطلب إجابة من شريكه، يبحث عن علامة اهتمام أو دعم من شريكه على أمل منه أن يشعر بالاتصال معه لحظياً، حول الطائر. والشريك هنا أمامه خياران: إما أن يتجه نحو أو بعيداً عن شريكه. ربما تنظر للموقف أنه سخيف أو تافه، ولكن رد فعل الشريك تجاه تعليق شريكه يقول الكثير عن صحة العلاقة بينهما. اعتقد الشخص أن الطائر مهم بما يكفي ليتناقش حوله مع شريكه، والسؤال هو هل سينتبه الشريك للحوار مع شريكه ويحترمه، حتى وإن كان حول طائر ما في الخارج؟ وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين ينتبهون لشريكهم ويندمجون معهم في الحديث حول ما يفتحه من مواضيع هم من أكملوا أكثر من ست سنوات معاً في زواج سعيد. بينما الأشخاص الذين يتجاهلون أحاديث شركائهم أو يردون عليها بعبارات مثل:"أنا مشغول الآن، توقف عن تشتيتي" إما لم يكملوا الست سنوات معاً، أو هم غير سعداء في علاقتهم.
هناك العديد من الأسباب لفشل العلاقات، ولكن إذا دققنا في العامل الرئيسي لتدهور العلاقات فسنجد أنه انعدام الطيبة وقلة الكرم. مع تراكم ضغوطات الحياه المشتركة بين الزوجين(أطفال، عمل، أصدقاء، أقارب، ومشتتات أخرى تزاحم الوقت المخصص للرومانسية والحميمية) قد يضع الأزواج جهداً أقل في العلاقة ويدعون فرصة للاختلافات الصغيرة بأن تفرق بينهم.
في أغلب الزيجات، ينخفض مستوى الرضا عن العلاقة بشدة خلال السنوات الأولى من الزواج. ولكن الأزواج الذين يعيشون بسعادة مع بعضهما البعض لسنوات طويلة هم من تمسكوا بالطيبة والكرم.

تابعونا على صفحة 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق